الجنان. وأما تعريف الأنهار: فلأن إيراد الجنس، كما تقول: لفلان بستان فيه الماء الجاري والتين والعنب وألوان الفاكهة، تشير إلى الأجناس التي في علم المخاطب، أو المراد أنهارها، فعوّض التعريف باللام من تعريف الإضافة، كقوله:{وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً}[مريم ٤/ ١٩]، أو لأنه يشار باللام إلى الأنهار المذكورة في قوله تعالى:{فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ.}. [محمد ١٥/ ٤٧].
لمفردات اللغوية:
{وَبَشِّرِ} أخبر. {الَّذِينَ آمَنُوا} صدقوا بالله. {وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ} من الفروض والنوافل. {أَنَّ} أي بأن. {جَنّاتٍ} حدائق ذات شجر ومساكن، وهي دار الخلود للمؤمنين، وسميت جنة، لأنها تجنّ من فيها أي تستره بشجرها. {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا} أي تحت أشجارها وقصورها. {الْأَنْهارُ} المياه فيها. {كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ} أطعموا من تلك الجنات.
{رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ} أي قبله في الجنة لتشابه ثمارها. {وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً} يشبه بعضه بعضا لونا ويختلف طعما. {وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ} من الحور وغيرها. {مُطَهَّرَةٌ} من الحيض والبصاق وسائر الأقذار. {وَهُمْ فِيها خالِدُونَ} ماكثون أبدا لا يفنون ولا يخرجون، والخلود: البقاء، ومنه جنة الخلد.
المناسبة:
يعقد القرآن عادة مقارنات بين الأشياء المتضادة، فلما ذكر الله جزاء الكافرين والعصاة، أردف ذلك ببيان جزاء المؤمنين الأتقياء الأطهار، ليظهر الفرق بين الفريقين، وليكون ذلك أدعى للعبرة والعظة، والامتثال من مقارنة الأحوال.
التفسير والبيان:
بشّر يا محمد أنت وورثتك من العلماء: المؤمنين المتقين، الذين آمنوا بالله وعملوا الصالحات والحسنات أن لهم حدائق ذات أشجار ومساكن، تجري من تحت