مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ} أي من شاء الله إضلاله أضلّه، ومن شاء هدايته هداه. {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ} أي عليه وهو المزين له، والمعنى: فلا تهلك نفسك باغتمامك على غيّهم وكفرهم وإصرارهم على التكذيب. والحسرة: همّ النفس على فوات أمر، أي التلهف عليه. {إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ} فيجازيهم عليه؛ لأنه لا تخفى عليه خافية من أفعالهم وأقوالهم.
سبب النزول:
نزول الآية (٨):
{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ}:
أخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: أنزلت هذه الآية: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«اللهم أعزّ دينك بعمر بن الخطاب، أو بأبي جهل بن هشام» فهدى الله عمر، وأضلّ أبا جهل، ففيهما أنزلت.
المناسبة:
بعد بيان الأصل الأول وهو التوحيد، والأصل الثاني وهو الرسالة، ذكر الله تعالى الأصل الثالث وهو الحشر أو البعث والنشور، والحساب والعقاب، وقرر أنه حق لا شك فيه، وحذر من وسواس الشيطان في تشكيك الناس بالإيمان به، ثم صنّف الناس إزاءه صنفين: حزب الشيطان الذين لهم العذاب الشديد، وحزب الرحمن الذين لهم المغفرة والأجر الكبير وهو الجنة. ثم أبان قضية جوهرية وهي أن الضلال والهدى بيد الله حسبما يعلم من استعداد النفوس للأول أو الثاني.
التفسير والبيان:
{يا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ، فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا، وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ} يا أيها البشر جميعا إن وعد الله بالبعث والجزاء حقّ ثابت مؤكد