للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسبة:

بعد بيان أن الله أرسل الرسل بالبينات والمعجزات، وأمر الخلق بنصرتهم، أبان تعالى وحدة النبوة سلالة ومعنى في ذرية نوح وإبراهيم، ووحدة النبوة تقتضي وحدة التشريع، ووحدة الكتاب، أي الكتب السماوية الأربعة، فما جاء أحد بعد نوح وإبراهيم بالنبوة إلا من سلالتهما وعلى منهجهما، وتلك نعمة شرف الله بها نوحا وإبراهيم عليهما السلام.

ثم أوضح الله تعالى أن الأجر والثواب واحد لكل من آمن بالرسل المتقدمة، وأكمل إيمانه بخاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، وأن النبوة فضل من الله ورحمة، لا تختص بقوم دون قوم، فالله أعلم حيث يجعل رسالته، ولا يصح قول اليهود: إن الرسالة فينا دون غيرنا، ونحن أبناء الله وأحباؤه، ونحن شعب الله المختار.

التفسير والبيان:

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ} أي تالله لقد بعثنا نوحا أب البشر الثاني إلى قومه وإبراهيم خليل الرحمن أبا الأنبياء وأبا العرب إلى قوم آخرين، وجعلنا الرسالة والنبوة في ذريتهما، فكل الأنبياء من سلالتهما، فلم يرسل الله بعدهما رسولا ولا نبيا إلا من ذريتهما، وكذلك جعلنا الكتب المنزلة فيهما، فلم ينزل الله كتابا ولا أوحى إلى بشر وحيا إلا من سلالتهما.

{فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ} أي كان مصير الذرية الانقسام إلى فريقين، فمنهم جماعة مهتدون إلى الحق وإلى الصراط‍ المستقيم، وكثير منهم خارجون عن حدود الله وطاعته، وتلك سنة الله مع الأنبياء جميعا.

وهذا دليل على أن الانحراف والخروج عن جادة الحق كان بعد التمكن من معرفته والوصول إليه وقيام الحجة عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>