وإخلاص الدين له، والتبري من الشرك وأهله. فالمراد بالقلب السليم: هو الخالي من العقائد الفاسدة والأخلاق المرذولة والميل إلى المعاصي، وعلى رأسها الكفر والشرك والنفاق، وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: القلب السليم: هو القلب الصحيح وهو قلب المؤمن؛ لأن قلب الكافر والمنافق مريض، قال الله تعالى:{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}[البقرة ١٠/ ٢].
فقه الحياة أو الأحكام:
جمع إبراهيم الخليل عليه السلام في دعائه هذا خيري الدنيا والآخرة، فطلب أن يؤتيه الله علما وفهما ومعرفة بالله عز وجل وبحدوده وأحكامه. ثم طلب أن يخلد ذكره الجميل في الدنيا، ويمنح الثناء الحسن بالتوفيق لصالح العمل، وقال ابن عباس: هو اجتماع الأمم عليه، ثم سأل الله أن يكون من أهل الجنة الذين يتمتعون بنعيمها.
روى أشهب عن مالك قال: قال الله عز وجل {وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}: لا بأس أن يحبّ الرجل أن يثنى عليه صالحا، ويرى في عمل الصالحين إذا قصد به وجه الله تعالى، وقد قال الله تعالى:{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي}[طه ٣٩/ ٢٠] وقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا}[مريم ٩٦/ ١٩] أي حبا في قلوب عباده، وثناء حسنا. فنبه تعالى بقوله:{وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}[الشعراء ٨٤/ ٢٦] على استحباب اكتساب ما يورث الذكر الجميل، فهو الحياة الثانية.
وفي هذا دليل على الترغيب في العمل الصالح الذي يكسب الثناء الحسن،
قال النبي صلّى الله عليه وسلم-فيما يرويه مسلم والبخاري في الأدب وأصحاب السنن إلا ابن ماجه عن أبي هريرة-: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».