للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسبة:

بعد بيان شبهتي المشركين في القرآن، أبان الله تعالى شبهة ثالثة في النبي المنزل عليه القرآن، وهو الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم، ثم أبطل تعالى تلك الشبه، وكشف سخفها وزيفها وعدم صلاحيتها للطعن في النبي صلّى الله عليه وسلم، فهي في غاية السخافة والسقوط‍، ولا دليل عليها، وإنما هي تعللات تشير إلى تعنت الكفار وعنادهم وتكذيبهم للحق بلا حجة.

التفسير والبيان:

ذكر المشركون خمس صفات للنبي صلّى الله عليه وسلم تتعارض مع النبوة في زعمهم وهي:

١ - {وَقالُوا: مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ} أي قال المشركون: لا ميزة لهذا النبي الذي يدعي الرسالة، فهو يأكل كما نأكل، ويشرب كما نشرب، ويحتاج إلى ذلك كما نحتاج إليه، يعنون أنه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن الأكل والتعيش.

٢ - {وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ} أي يتردد فيها وإليها، طلبا للتكسب والتجارة وابتغاء للرزق والمعيشة، فمن أين له الفضل علينا، وهو مثلنا في هذه الأمور؟ وهذا منهم تصور مادي محض، وموازنة ساذجة، فإن الرسل لم يمتازوا بصفات حسية مادية، فهم في هذا كغيرهم من البشر، وإنما امتازوا بقيم معنوية، ومكاسب أدبية، وطهارة نفسية، لذا قال تعالى: {قُلْ: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ} [الكهف ١١٠/ ١٨].

٣ - {لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ، فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً} أي هلا أنزل إليه ملك من عند الله، فيكون له شاهدا على صدق ما يدعيه، ويرد على من خالفه، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>