والخلاصة: أن جميع ما يصدر عن العبد فبمشيئة الله ولكن دون إجبار.
ثم ختم السورة بخاتمة عجيبة تدل على أن دخول الجنة والنار ليس إلا بمشيئة الله، فقال:
{يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ، وَالظّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً} أي يدخل في جنته من يشاء من عباده أن يدخلها فيها، فضلا من الله وإحسانا، ويعذب الظالمين الكافرين الذين ظلموا أنفسهم، فقد أعدّ لهم في الآخرة عذابا موجعا مؤلما، هو عذاب جهنم.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات الكريمات على ما يأتي:
١ - إن القرآن الكريم كلام الله ووحيه الذي أنزله على عبده محمد صلّى الله عليه وسلّم في مدى ثلاث وعشرين سنة، مفرّقا منجّما بحسب الحوادث والمسائل، فهو ليس مفترى به من عنده، ولا جاء به من تلقاء نفسه كما يدّعيه المشركون.
وبما أن السورة تضمنت الوعد والوعيد، فالناس بحاجة ماسة إلى هذا الكتاب الذي ليس بسحر ولا كهانة ولا شعر، وأنه حق من عند الله. قال ابن عباس: أنزل القرآن متفرّقا، آية بعد آية، ولم ينزل جملة واحدة، فلذلك قال:{نَزَّلْنا}.
٢ - ما دام هذا القرآن حقا من عند الله، ودستورا منقذا لحياة البشرية من التردي والضياع والضلال، وجب الصبر على أذى القوم في تبليغه للناس، والصبر على ما حكم به من الطاعات، ومخالفة أهل الإثم والكفر، وعدم إطاعتهم في شيء من ضلالهم.
وهذا أمر للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ونهي له ولكل واحد من أمته.