للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفردات اللغوية:

{وَلَقَدْ مَكَّنّاكُمْ} يا بني آدم، أي جعلنا لكم فيها مكانا وقرارا، أو ملكناكم فيها وأقدرناكم على التصرف فيها {مَعايِشَ} جمع معيشة، وهي ما تكون به العيشة والحياة من المطاعم والمشارب وغيرها {قَلِيلاً ما} {ما} لتأكيد القلة {تَشْكُرُونَ} تلك النعم.

المناسبة:

بعد أن أمر الله تعالى الخلق بمتابعة الأنبياء عليهم السلام وبقبول دعوتهم، ثم خوفهم بعذاب الدنيا: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها} وبعذاب الآخرة من وجهين: السؤال والحساب: {فَلَنَسْئَلَنَّ.}. ووزن الأعمال: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} رغبهم في هذه الآية بقبول دعوة الأنبياء عليهم السلام عن طريق التذكير بكثرة نعم الله عليهم، وكثرة النعم توجب الطاعة.

التفسير والبيان:

أقسم الله تعالى بقوله: {وَلَقَدْ مَكَّنّاكُمْ} ليظهر امتنانه على عبيده بكثرة إنعامه عليهم، بأن جعل الأرض لهم مكانا وقرارا، وسلطهم أو أقدرهم على التصرف فيها، وأباح لهم منافعها، وسخر لهم السحاب والمطر لإخراج أرزاقهم منها، وجعل فيها رواسي وأنهارا.

وجعل لهم فيها معايش من وجهين: إما بخلق الله تعالى ابتداء كخلق الثمار وغيرها، أو بطريق العمل والاكتساب واتخاذ الأسباب والاتجار فيها، وكلاهما في الحقيقة إنما حصل بفضل الله وإقداره وتمكينه، فيكون الكل إنعاما من الله تعالى، وكثرة النعم لا شك أنها توجب الطاعة والانقياد.

ولكن أكثرهم مع هذا قليل الشكر على ذلك: {قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ} أي أنتم قليلو الشكر على هذه النعم التي أنعمت بها عليكم، كما قال: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها، إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ} [إبراهيم ٣٤/ ١٤] وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>