للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحذروا أن تكونوا مثل الذين قالوا: سمعنا وهم لا يسمعون، وهم المنافقون والمشركون، فإنهم يتظاهرون بالسماع والاستجابة، وليسوا كذلك، والحال أنهم لا يسمعون أبدا.

ثم أخبر الله تعالى عن هؤلاء أنهم شر الخلق والخليقة، فقال: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ..}. أي إن شر المخلوقات التي تدب على الأرض عند الله الصم الذين لا يسمعون الحق فيتبعونه، ولا ينطقون بالحق ولا يفهمونه، ولا يعقلون الفرق بين الحق والباطل، والخير والشر، والهدى والضلال، والإسلام والكفر، أي فكأنهم لتعطيلهم هذه الحواس فيما فيه المنفعة والفائدة والخير، فقدوا هذه القوى والمشاعر المدركة، وهم لو استخدموا عقولهم متجردين عن التقليد والعصبية الجاهلية، لاهتدوا إلى الحق والصواب، وأدركوا الصالح المفيد لهم وهو الإسلام، إلا أنهم في الواقع كالبهائم لا يعقلون الأمور، كما قال تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ، أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ، وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق ٣٧/ ٥٠].

ثم أخبر الله تعالى بأنهم لا فهم لهم صحيح، ولا قصد لهم صحيح، فلو علم الله في نفوسهم ميلا إلى الخير والاستعداد للإيمان والاهتداء بنور الإسلام والنبوة، لأفهمهم، وأسمعهم بتوفيقه كلام الله ورسوله سماع تدبر وتفهم واتعاظ‍؛ ولكن لا خير فيهم؛ لأنه يعلم أنه لو أسمعهم أي أفهمهم، لتولوا عن ذلك قصدا وعنادا بعد فهمهم ذلك، وهم معرضون عنه من قبل ذلك بقلوبهم عن قبوله والعمل به، فهم لا خير فيهم أصلا.

فقه الحياة أو الأحكام:

أرشدت الآيات إلى شيئين: الأمر بطاعة الله والرسول، والتحذير من مخالفة أمرهما ونهيهما.

وشأن المؤمنين سماع الحق، والاهتداء بنوره، وإطاعة الأوامر، واجتناب

<<  <  ج: ص:  >  >>