وفي الصحيحين: أن عمر قال: يا رسول الله، لم أصب مالا قط هو أنفس عندي من سهمي الذي هو بخيبر، فما تأمرني به؟ قال:«حبّس الأصل، وسبّل الثمرة».
وأعتق ابن عمر نافعا مولاه، وكان أعطاه فيه عبد الله بن جعفر ألف دينار، قالت صفية بنت أبي عبيد: أظنه تأوّل قول الله عز وجل: {لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ}. وأخرج عبد بن حميد والبزار عن ابن عمر قال:
حضرتني هذه الآية:{لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ}، فذكرت ما أعطاني الله تعالى فلم أجد أحبّ إليّ من مرجانة (جارية رومية) فقلت: هي حرة لوجه الله، فلو أني أعود في شيء جعلته لله تعالى لنكحتها، فأنكحتها نافعا (مولاه الذي كان يحبه). ولم يمت ابن عمر إلا وأعتق ألف رقبة.
أما معنى البر فاختلفوا في تأويله على أقوال ثلاث: الجنة، أو العمل الصالح، أو الطاعة، والتقدير على المعنى الأول: لن تنالوا ثواب البر حتى تنفقوا مما تحبون أي لن تصلوا إلى الجنة وتعطوها حتى تنفقوا مما تحبون، وعلى المعنى الثاني: لن تصلوا إلى العمل الصالح... وعلى المعنى الثالث وهو معنى جامع: لن تصلوا إلى الخير من صدقة أو غيرها من الطاعات حتى تنفقوا مما تحبون. وقال الحسن البصري:{حَتّى تُنْفِقُوا}: هي الزكاة المفروضة. والأولى أن يكون المراد كما قال الزمخشري: لن تبلغوا حقيقة البر حتى تكون نفقتكم من أموالكم التي تحبونها وتؤثرونها، كقوله:{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ}[البقرة ٢٦٧/ ٢].
وكان السلف رحمهم الله إذا أحبوا شيئا جعلوه لله تعالى.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآية على أمرين:
الأول-أن يكون الإنفاق في سبيل الله للوصول إلى حقيقة البر من أحب