تضمنت هذه الآيات الأدلة على إثبات وجود الله تعالى ووحدانيته وقدرته الشاملة، وتتلخص هذه الأدلة بالخلق والإيجاد، والتفرد في دفع الضرر، وجلب النفع والخير، والقدرة على الحشر والنشر، ويتجلى ذلك فيما يأتي:
١ - إهلاك كفار الأمم الخالية جميعا لإصرارهم على الشرك والوثنية وارتكابهم كبائر المعاصي وعظائم الفواحش.
وقوله:{الْحَمْدُ لِلّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى} تعليم وإرشاد إلى حمد الله على هلاك كفار الأمم الخالية الذين زرعوا الشرك والمعصية في ديارهم، مما يجب التخلص منهم، وفي هذا عبرة وعظة.
ويؤخذ من ذلك الاستفتاح بالتحميد لله والسلام على الأنبياء والمصطفين من عباده، ولقد توارث العلماء والخطباء والوعاظ جيلا عن جيل هذا الأدب، فحمدوا الله وصلوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في فواتح الأمور المفيدة وفي المواعظ والخطب.
٢ - قوله سبحانه:{آللهُ خَيْرٌ أَمّا يُشْرِكُونَ} تبكيت للمشركين وتوبيخ وتهكم على حالهم وضلالهم، لإيثارهم عبادة الأصنام على عبادة الله تعالى.
٣ - الله تعالى هو خالق السموات والأرض، ومنزل المطر، ومنبت الشجر والزرع والثمر في الحدائق الغنّاء ذات الأنواع والأشكال والألوان المختلفة، والمناظر الجميلة الرائعة الحسن والبهاء، فيكون قطعا هو المستحق للعبادة دون غيره؛ لأنه لا يتهيأ للبشر ولا لغيرهم ولا يتيسر لهم ولا يمكنهم أن يخلقوا شيئا مما ذكر، فهم عجزة عن مثل ذلك.
٤ - قال القرطبي في قوله تعالى:{ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها}: