{وَقُلْ: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} أي وقل عند النزول من السفينة: ربّ أنزلني إنزالا مباركا أو مكانا مباركا، يبارك لي فيه، وأعطى الزيادة في خير الدارين، وأنت خير من أنزل عباده المنازل الطيبة؛ لأنك تحفظ من أنزلته في سائر أحواله، وتدفع عنه المكاره، بحسب ما تقتضيه الحكمة.
وهذا وما قبله تعليم لذكر الله عند ابتداء السير وانتهائه، قال قتادة: علّمكم الله أن تقولوا عند ركوب السفينة: {بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها}[هود ٤١/ ١١]، وعند ركوب الدابة:{سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا، وَما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ}[الزخرف ١٣/ ٤٣] أي مطيقين، وعند النزول:{وَقُلْ: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً، وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}.
{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ، وَإِنْ كُنّا لَمُبْتَلِينَ} أي إن في هذا الصنيع وهو إنجاء المؤمنين، وإهلاك الكافرين لدلالات واضحات على صدق الأنبياء فيما جاؤوا به عن الله تعالى، وإنا لمختبرون بهذه الآيات عبادنا، لننظر من يعتبر ويتذكر، كقوله تعالى:{وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر ١٥/ ٥٤]. وقيل:
أي نعاملهم معاملة المختبرين.
وتقدمت القصة بتفصيل أكثر في سورة هود عليه السلام.
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه القصة واضحة الدلالة كغيرها من القصص القرآني على أن نزول العذاب: عذاب الاستئصال والهلاك كان بسبب العناد والإصرار على الكفر، وملازمة الشرك والوثنية.
فهذا نوح عليه السلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين يدعوهم لعبادة الله وحده لا شريك له، وينذرهم بأس الله وانتقامه ممن أشرك به، وكذب رسله،