هداية الله موجودة، لهلكنا أو شقينا. ولا يجوز إظهار خبر المبتدأ بعد:{لَوْلا} لطول الكلام بها، كما لا يجوز إظهاره بعد القسم في قوله تعالى:{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}[الحجر ٧٢/ ١٥] أي لعمرك قسمي، فلا يجوز إظهار الخبر لطول الكلام بجواب القسم.
{أَنْ تِلْكُمُ} أن مخففة من الثقيلة تقديره: ونودوا بأنه تلكم الجنة، والضمير ضمير الشأن، أو مفسرة، أي معنى تفسير النداء، والمعنى: ونودوا، أي تلكم الجنة، وهو الأجود عند الرازي.
المفردات اللغوية:
{وُسْعَها} طاقتها من العمل في الأحوال العادية، لا في وقت الشدة والضيق.
{وَنَزَعْنا} قلعنا. {غِلٍّ} حقد أو حسد وعداوة كان بينهم في الدنيا. {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ} تحت قصورهم. {وَقالُوا} عند الاستقرار في منازلهم. {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا} أي وفقنا لموجب هذا الفوز العظيم، وهو الإيمان والعمل الصالح. {وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ} اللام لتوكيد النفي، يعنون: وما كان يستقيم أن نكون مهتدين، لولا هداية الله وتوفيقه.
{لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ} فكان لنا لطفا وتنبيها على الاهتداء، فاهتدينا، يقولون ذلك سرورا واغتباطا بما نالوا، وتلذذا بالتكلم به، لا تقربا وتعبدا.
{أُورِثْتُمُوها} صارت إليكم كما يصير الميراث إلى أهله.
المناسبة:
جرت سنة القرآن الجمع بين الوعيد والوعد، فبعد أن ذكر سبحانه وعيد الكافرين والعصاة، أتبعه بوعد المؤمنين الطائعين.
التفسير والبيان:
لما ذكر الله تعالى حال الأشقياء وجزاءهم، عطف عليه بيان حال السعداء وجزاءهم، ليتميز المؤمن عن الكافر، والمحق عن المبطل، فقال:{وَالَّذِينَ آمَنُوا.}. أي والذين صدقوا بالله ورسله، وعملوا الصالحات، بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، هم أهل الجنة دون سواهم، وهم المخلدون فيها أبدا.