ولا أداة التشبيه، وإنما ذكر المشبه به فقط، ودلت القرائن على إرادة التشبيه. وهمزة {أَيَوَدُّ} للاستفهام الإنكاري أي ما يود أحد ذلك.
المفردات اللغوية:
{وَمَثَلُ} صفة نفقات المنفقين {اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ} أي طلبا لرضوانه {وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} تحقيقا للثواب أو تصديقا ويقينا بثواب الإنفاق من عند أنفسهم، ومن: ابتدائية، أي مبتدأ من أنفسهم، أو تمكين أنفسهم في مرتبة الإيمان والإحسان، بخلاف المنافقين المترددين في إيمانهم ولا يرجون الثواب، وقال ابن كثير: أي وهم متحققون ومتثبتون أن الله سيجزيهم على ذلك أوفر الجزاء، ونظير هذا
الحديث المتفق على صحته:«من صام رمضان إيمانا واحتسابا» أي يؤمن أن الله شرعه ويحتسب عند الله ثوابه {كَمَثَلِ جَنَّةٍ} بستان {بِرَبْوَةٍ} مكان مرتفع من الأرض {وابِلٌ} مطر غزير {فَآتَتْ} أعطت {أُكُلَها} ثمرها {ضِعْفَيْنِ} مثلي ما يثمر غيرها {فَطَلٌّ} مطر خفيف يصيبها ويكفيها لارتفاعها، والمعنى: تثمر وتزكو، كثر المطر أم قل، فكذلك نفقات من ذكر، تزكو عند الله، كثرت أم قلت {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فيجازيكم به.
{أَيَوَدُّ} أيحب، والهمزة للاستفهام الإنكاري والنفي، أي ما يود أحد ذلك.
{وَأَعْنابٍ} ثمر الكرم {وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ} أولاد صغار لا يقدرون على شيء.
{إِعْصارٌ} ريح شديدة، تستدير في الأرض بشدة، ثم ترتفع إلى الجو حاملة الغبار، كهيئة العمود وهي الزوبعة {نارٌ} سموم شديدة، المراد: ريح فيها برد شديد وسموم يحرق الشجر (١){كَذلِكَ} كما بين ما ذكر {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ، لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} فتعتبروا. وهذا تمثيل لنفقة المرائي والمانّ، في ذهابها وعدم نفعها، مع أن أحوج ما يكون لثوابها في الآخرة.
التفسير والبيان:
صفة نفقات المنفقين أموالهم طلبا لرضوان الله ومغفرته، وهم متحققون ومتثبتون أن الله سيجزيهم على ذلك أوفر الجزاء، أو تثبيتا لأنفسهم على الإيمان
(١) قال الحسن البصري: الإعصار: ريح فيها برد شديد. وقال ابن عباس: ريح فيها سموم شديدة، وكذا قال السدي: الإعصار: الريح والنار السموم، قال ابن عطية: ويكون ذلك في شدة الحر، ويكون في شدة البرد، وكل ذلك من فيح جهنم ونفسها.