فرعون، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم في السّورة المتقدّمة:{يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ}[٨٨]، ثم قال الله له:{فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ: سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}[٨٩]، وحكى الله عن موسى في هذه السّورة:{فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ}[٢٢]، وقال موسى:{وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ، وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ}[٢٠ - ٢١]، والتّشابه واضح في الموقفين.
ما اشتملت عليه السّورة:
موضوع سورة الدّخان المكيّة كسائر موضوعات السّور المكيّة وسور آل حاميم السّبع، وهو بيان أصول العقيدة الإسلاميّة: التوحيد، والنّبوة والرّسالة، والبعث.
بدئت السورة ببيان تاريخ بدء إنزال القرآن في ليلة القدر من رمضان، رحمة من الله بعباده، وأن منزله هو مالك الكون كله والمخلوقات جميعها، وأنه هو الإله الحقّ الواحد الذي لا شريك له، غير أن المشركين في شكّ وارتياب من أمر القرآن.
ثم أعدتهم بالعذاب الشديد، وبالدّخان المخيف الذي ينذرهم بأسوأ العواقب، ولكنهم مع ذلك لم يؤمنوا.
وأردفت ما سبق بعظتهم بقصة فرعون وقومه مع موسى عليه السّلام، حيث نجّى الله المؤمنين، وأغرق الكافرين في البحر.
ثم وصفت مشركي مكة بأنهم قوم منكرون للبعث في قوله تعالى:{إِنْ هِيَ إِلاّ مَوْتَتُنَا الْأُولى، وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ}[٣٥]، وهدّدتهم بالإهلاك كما أهلك المجرمين الأشدّاء من قبلهم، مثل قوم تبّع الحميري، مع إيراد الدّليل على قدرة الله عزّ وجلّ على كلّ شيء.