للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكبرى، واسمها صفوراء أو صفراء، وهي التي تزوجها موسى {لِيَجْزِيَكَ} ليكافئك أو ليثيبك {أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا} جزاء سقيك لنا. وقد أجابها موسى ليتبرك برؤية الشيخ، ويستظهر بمعرفته، لا طمعا في الأجر، بل روي أنه لما جاءه قدم إليه طعاما، فامتنع عنه، وقال: إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بالدنيا، أو لا نطلب على عمل خير عوضا، فأجابه شعيب: هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا، أو قال: لا، عادتي وعادة آبائي نقري الضيف، ونطعم الطعام. علما بأن من فعل معروفا، فأهدي إليه شيء، لم يحرم أخذه.

{قَصَّ} روى له القصة وأخبره بحاله {الْقَصَصَ} مصدر بمعنى الحديث المقصوص أي المخبر به، من قتله القبطي، وقصدهم قتله، وخوفه من فرعون {نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ} فرعون وقومه؛ إذ لا سلطان له على مدين.

{قالَتْ إِحْداهُما} التي استدعته الكبرى أو الصغرى {اِسْتَأْجِرْهُ} اتخذه أجيرا يرعى غنمنا بدلنا {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} فإنها أخبرته عن رفعه حجر البئر، وعن قوله لها أثناء السير: امشي خلفي، وقابل حياءها بحياء، فلما جاءته وعلم بها، صوّب رأسه فلم يرفعه.

والجملة تعليل جامع، يجري مجرى الدليل على أنه حقيق بالاستئجار. وللمبالغة فيه جعل خيرا اسما، وذكر الفعل بلفظ‍ الماضي، للدلالة على أنه أمين مجرب معروف.

{إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ} الكبرى أو الصغرى {عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي} تكون أجيرا لي أو تأجر نفسك مني في رعي غنمي {ثَمانِيَ حِجَجٍ} سنين، جمع حجة أي سنة {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً} رعي عشر سنين {فَمِنْ عِنْدِكَ} التمام {وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ} باشتراط‍ العشر {سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ} للتبرك {مِنَ الصّالِحِينَ} في حسن المعاملة ولين الجانب والوفاء بالمعاهدة.

{قالَ} موسى {ذلِكَ} الذي قلته {بَيْنِي وَبَيْنَكَ} أي ذلك الذي عاهدتني فيه قائم بيننا لا نخرج عنه {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ} أطولهما وأقصرهما للرعي {قَضَيْتُ} وفيتك إياه {فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ} بطلب الزيادة عليه، أو فلا مجاوزة للحد، أي فكما لا أطالب بالزيادة على العشر لا أطالب بالزيادة على الثماني {وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ} أي على ما نقول أنا وأنت حفيظ‍ أو شاهد، فتم العقد بذلك.

المناسبة:

بعد أن تمالأ فرعون وقومه على قتل موسى، وأخبره مؤمن من آل فرعون بما عزموا عليه، ونصحه بالخروج من مصر، فخرج متجها إلى أرض مدين، ماشيا، برعاية الله وهدايته الطريق، للنسب الذي بين الإسرائيليين وبين أهل مدين،

<<  <  ج: ص:  >  >>