{وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ} واضحات دالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به. {وَلِلْكافِرِينَ} بالآيات. {عَذابٌ مُهِينٌ} ذو إهانة، وإذلال، يذهب عزهم وتكبرهم.
{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً} يبعثهم كلهم، لا يدع أحدا غير مبعوث، أو مجتمعين. {فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا} يخبرهم بأعمالهم أمام الناس، تشهيرا لحالهم، وتقريرا لعذابهم وتوبيخا وتقريعا لهم.
{أَحْصاهُ اللهُ} أحاط به عددا، لم يغب عنه شيء. {وَنَسُوهُ} لكثرته، أو تهاونهم به. {وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} لا يغيب عنه شيء.
{أَلَمْ تَرَ} تعلم. {ما يَكُونُ} ما يوجد. {نَجْوى} تناجي ومسارّة، أو أصحاب نجوى، مأخوذ من النجوة: وهي ما ارتفع من الأرض، لأن المتسارّين يخلوان وحدهما بنجوة من الأرض.
{إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ} أي محيط بهم بعلمه. {وَلا خَمْسَةٍ} ولا نجوى خمسة. {إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ} تخصيص العددين إما لخصوص الواقعة، فإن الآية نزلت في تناجي المنافقين، أو لأن التشاور لا بدّ له من اثنين يكونان كالمتنازعين وثالث يتوسط بينهما. {وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ} ولا أقل مما ذكر كالواحد والاثنين. {وَلا أَكْثَرَ} من هذا العدد. {إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ} يعلم ما يجري بينهم. {أَيْنَ ما كانُوا} علم الله شامل لكل شيء، لا يتحدد بمكان. {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ} يخبرهم بأعمالهم، فضحا لهم وتقريرا لجزائهم. {إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} عالم بكل شيء على سواء.
المناسبة:
بعد بيان أحكام الظهار في شريعة الإسلام، وتوبيخ المتورطين في الظهار، ومدح المؤمنين الواقفين عند حدوده، ذكر تعالى ما يلحق المخالفين لشرع الله والمعادين لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من خزي وهوان في الدنيا، وعذاب في غاية الذل والمهانة في الآخرة، وأيد ذلك بالوعيد الشديد لهم، فأخبر أن الله مطلع عليهم وعلى أعمالهم، لا يخفى عليه شيء من أحوالهم في السر والعلن، وسيخبرهم بذلك يوم الحساب، ويجازيهم على ما قدموا من عمل.
التفسير والبيان:
{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ، كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي إن الذين يعادون الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويخالفون شرع ربهم ويعاندونه، أذلّوا وأخزوا وأهينوا ولعنوا، وينكل بهم في الدنيا، كما أذل الذين من قبلهم من