{اُذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً} أي في أغلب الأوقات، ويشمل مختلف أنواع التقديس والتمجيد والتهليل والتحميد {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} أول النهار وآخره، وتخصيصهما بالذكر للدلالة على فضلهما على سائر الأوقات، لكونهما مشهودين بملائكة الليل والنهار {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} أي بالرحمة {وَمَلائِكَتُهُ} بالاستغفار لكم، والاهتمام بما يصلحكم، والمراد بالصلاة المشتركة بين الله وملائكته: هو العناية بصلاح أمركم، وظهور شرفكم ورفعة شأنكم {لِيُخْرِجَكُمْ} ليديم إخراجه إياكم {مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ} من ظلمات الكفر والمعصية إلى نور الإيمان والطاعة {وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} أي كان الله وما يزال رحيما بعباده المؤمنين، حتى اعتنى بصلاح أمرهم ورفع قدرهم وهو دليل على أن المراد بالصلاة الرحمة {تَحِيَّتُهُمْ} أي تحية الله للمؤمنين بلسان الملائكة هي السلام، وهو من إضافة المصدر إلى المفعول، أي يحيّون {يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ} يوم لقائه عند الموت أو الخروج من القبر، أو دخول الجنة {سَلامٌ} إخبار بالسلامة من كل مكروه وآفة {وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً} هي الجنة.
سبب النزول:
نزول الآية (٤٣):
{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي.}.: أخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال: لما نزلت:
{إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}[الأحزاب ٥٦/ ٣٣] قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، ما أنزل الله تعالى عليك خيرا إلا أشركنا فيه، فنزلت:
بعد بيان ما ينبغي أن يكون عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم مع الله وهو التقوى والإخلاص، وما ينبغي أن يكون عليه مع أهله وأقاربه بقوله تعالى:{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ} وهو تحقيق الحرية والاستقرار الزوجي، أمر الله تعالى عباده المؤمنين بما أمر به أنبياءه المرسلين من تعظيم الله وإجلاله بذكره وتسبيحه في أغلب الأوقات ومختلف أنواع الطاعات، بقوله:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً} ليحقق لهم أجزل الثواب ويخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.