للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجب الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا مع مسلم، وهو أصح قولي الشافعي، فلو ترافعوا إلينا مع مسلم وجب القضاء بينهم {بِالْقِسْطِ‍} بالعدل {الْمُقْسِطِينَ} العادلين في الحكم، أي يثيبهم.

{فِيها حُكْمُ اللهِ} بالرجم، والمراد من قوله: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ} استفهام تعجيب أي لم يقصدوا بذلك معرفة الحق، بل ما هو أهون عليهم {ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ} يعرضون عن حكمك بالرجم الموافق لكتابهم {مِنْ بَعْدِ ذلِكَ} التحكيم.

سبب النزول:

نزول الآية {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ.}.:

روى أحمد وأبو داود عن ابن عباس قال: أنزلها الله في طائفتين من اليهود، قهرت إحداهما الأخرى في الجاهلية، حتى ارتضوا فاصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة، فديته خمسون وسقا (١)، وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة، فديته مائة وسق، فكانوا على ذلك، حتى قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا، فأرسلت العزيزة أن ابعثوا إلينا بمائة وسق، فقالت الذليلة: وهل كان ذلك في حيين قط؟ دينهما واحد، ونسبتهما واحدة، وبلدهما واحد، دية بعضهم نصف دية بعض، إنا أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا وخوفا وفرقا، فأما إذ قدم محمد، فلا نعطيكم فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينهما، فأرسلوا إليه ناسا من المنافقين ليختبروا رأيه، فأنزل الله: {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} الآية.

أي

أن الآية نزلت في بني قريظة والنضير، فتحاكموا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فحكم بالتسوية بين القرظي والنضيري.

وقيل:

إنها نزلت في شأن أبي لبابة حين أرسله النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى بني قريظة، فخانه، حين أشار إليهم أنه الذّبح (٢).


(١) الوسق: ستون صاعا، والصاع: ٢٧٥١ غم.
(٢) كان ذلك يوم حصارهم، فسألوه ما الأمر؟ وعلام ننزل من الحكم؟ فأشار إلى حلقه بمعنى أنه الذبح.

<<  <  ج: ص:  >  >>