العذاب في نار جهنم، مع بيان سبب ذلك: وهو عدم الإيمان بالله العظيم، والإعراض عن مساعدة المساكين البائسين.
التفسير والبيان:
{وَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ: يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ} أي وأما الشقي الذي يعطى كتابه بشماله أو من وراء ظهره، فيقول حزنا وكربا، وألما وندما لما رأى فيه من سيئاته وقبيح أعماله: يا ليتني لم أعط كتابي. وهذا دليل على وجود العذاب النفسي قبل العذاب الجسدي.
{وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ، يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ} أي ولم أعلم أيّ شيء حسابي الذي أحاسب به؛ لأن كله وبال علي، ليت الموتة التي متها في الدنيا كانت القاطعة نهاية الحياة، ولم أحي بعدها، فهو يتمنى دوام الموت وعدم البعث، لما شاهد من سوء عمله، وما يصير إليه من العذاب. قال قتادة: تمني الموت، ولم يكن شيء في الدنيا أكره إليه منه. ونظير الآية:{وَيَقُولُ الْكافِرُ: يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً}[النبأ ٤٠/ ٧٨].
{ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ} أي ما أفادني ما لي شيئا، ولم يدفع عني شيئا من عذاب الله، وفقدت حجتي، وذهب منصبي وجاهي وملكي، فلم يدفع عني العذاب، بل خلص الأمر إلي وحدي، فلا معين لي ولا مجير. قال أبو حيان: الراجح قول ابن عباس ومن ذكر معه أن السلطان هنا هو الحجة التي كان يحتج بها في الدنيا؛ لأن من أوتي كتابه بشماله ليس مختصا بالملوك، بل هو عام في جميع أهل الشقاوة (١). وحينئذ يقول الله عز وجل مبينا مصيره وعاقبة أمره: