{سَبَّحَ لِلّهِ} نزهه وقدسه، ولام {لِلّهِ} مزيدة. {ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} أتى ب {ما} تغليبا للأكثر. {وَهُوَ الْعَزِيزُ} القوي الغالب في ملكه. {الْحَكِيمُ} في صنعه، يضع الأشياء في موضعها المناسب لها.
{الَّذِينَ كَفَرُوا} يهود بني النّضير، وهم إحدى قبائل اليهود الثلاثة الكبرى في المدينة بجوار بني قريظة وبني قينقاع. {مِنْ دِيارِهِمْ} مساكنهم في المدينة. {لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} أي عند الحشر الأول أو أول حشرهم، والحشر الأول: الجمع والإخراج والجلاء من المدينة ونفيهم إلى بلاد الشام، والحشر الآخر: إجلاء عمر إياهم في خلافته من خيبر إلى الشام. {ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا} ما ظننتم أيها المؤمنون خروجهم، لشدة بأسهم ومنعتهم. {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ} أي وتأكدوا أن حصونهم تمنعهم من بأس الله وعذابه، والحصون: القصور الشاهقة والقلاع المشيدة، جمع حصن.
{فَأَتاهُمُ اللهُ} أي جاءهم عذابه وأمره. {مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} من حيث لم يخطر لهم ببال، لقوة وثوقهم بأنفسهم.
{وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ}{قَذَفَ}: ألقى بقوة، والمراد هنا: أثبت فيها الخوف الذي يرعبها، أي يملؤها رعبا بقتل سيدهم كعب بن الأشرف. {يُخْرِبُونَ} وقرئ: يخرّبون، أي يهدمون، والغاية من الهدم: نقل ما استحسنوا منها من خشب وغيره. {فَاعْتَبِرُوا} فاتعظوا بحالهم، أو فانظروا في حقائق الأشياء ما تدل عليه من دلالة وعبرة. واستدل به على أن القياس حجة من حيث إنه أمر بالمجاوزة من حال إلى حال، وحملها عليها في حكم، لما بينها من العلة المشتركة المقتضية التساوي في الحكم.
{كَتَبَ} قضى. {الْجَلاءَ} الخروج الجماعي من الوطن مع الأهل والولد، أما الإخراج فيكون لواحد وجماعة، ومع بقاء الأهل والولد. {لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا} بالقتل والسبي، كما فعل ببني قريظة. {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النّارِ} كلام مستأنف معناه أنهم إن نجوا من عذاب الدنيا، لم ينجوا من عذاب الآخرة.
{ذلِكَ} المذكور الذي حاق بهم. {شَاقُّوا} خالفوا وعادوا، حتى كأنهم في شق، ومن عادوه في شق آخر. {لِينَةٍ} نخلة مطلقا أو النخلة الكريمة، وجمعها أليان. {فَبِإِذْنِ اللهِ} فبأمره. {وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ} علة لمحذوف، أي وفعلتم، أو: وأذن لكم في القطع ليخزيهم على فسقهم بما غاظهم من العدو. واستدل به على جواز هدم دبار الكفار وقطع أشجارهم زيادة لغيظهم.