فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم: أبكي للذي عرض على أصحابك من الفداء، لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة، لشجرة قريبة، وأنزل الله عز وجل:{ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} أي من الفداء وهذه الرواية أجمع الروايات وأصحها وأولاها بالاحتجاج بها.
والخلاصة: كان الأولى قتل الأسرى، وكان أخذ الفداء باجتهاد النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، وكل اجتهاد عرضة للخطأ والصواب، لكن اجتهاد المصطفى لا يقر فيه على الخطأ.
روى ابن المنذر عن قتادة قال: أراد أصحاب محمد الفداء يوم بدر، ففادوهم بأربعة آلاف، أربعة آلاف. وفي مصنف أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة.
نزول الآية (٧٠):
{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ}: روى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال: قال العباس: فيّ والله نزلت حين أخبرت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بإسلامي، وسألته أن يحاسبني بالعشرين أوقية التي وجدت معي، فأعطاني بها عشرين عبدا، كلهم تاجر بمالي في يده، مع ما أرجو من مغفرة الله.
وفي رواية أخرى أكثر إيضاحا،
قال الكلبي في قوله تعالى:{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى} الآية: نزلت في العباس بن عبد المطلب، وعقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، وكان العباس أسر يوم بدر، ومعه عشرون أوقية من الذهب، كان خرج بها معه إلى بدر ليطعم بها الناس، وكان أحد العشرة الذين ضمنوا إطعام أهل بدر، ولم يكن بلغته التّوبة حتى أسر، فأخذت معه وأخذها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم منه، قال: