للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكوني المنذر والمبشر للمؤمنين: لأنهم هم المنتفعون بالإنذار والتّبشير.

فقه الحياة أو الأحكام:

هذه آية من أصول العقيدة والدّين، بيّنت حقيقة الرّسالة، وميّزتها عن الرّبوبية، وهدمت قواعد الشّرك والوثنية.

فما الرّسول إلا بشر مبلّغ عن الله ما يوحيه إليه، وهو قدوة صالحة للنّاس في العمل بما جاء به من عند الله، وليس له شيء من صفات الله وأفعاله، ولا سلطان له بالتأثير في الأشياء، لا نفعا ولا ضرّا، ولا خيرا ولا شرّا، ولا إيمانا ولا كفرا.

وبما أنّ الإيمان نفع والكفر ضرّ، فإنهما لا يحصلان إلا بمشيئة الله سبحانه، فهو الخالق للإيمان والكفر، والمريد لهما، والعبد هو الموجد ما خلق الله عنده من قدرة إما إلى الإيمان والخير، وإما إلى الكفر والشّرّ.

وليس أدلّ على الإقناع بعدم علم الرّسول بالغيب من أنه لو كان عالما بالغيب، لحقّق لنفسه منافع الدّنيا وخيراتها، من مال ومجد، وعظمة دولة، ونصر حربي، وتفوّق دائم، وأرباح ومكاسب كثيرة، ولدفع عن نفسه آفات الدّنيا ومضارّها، كالفقر والمرض والجرح والهزيمة ونحوها من ألوان السّوء والشّرّ، ولحذر من مكر الأعداء ومكائدهم، ولاستطاع التّمييز بين من تؤثر فيه الدّعوة إلى الدّين الحقّ ومن لا تؤثّر فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>