التمثال: فلا بد أن يكون مثالا لشيء حقيقي، فإن عبد فهو صنم. وقد يتخذ التمثال للزينة كالمتخذ على جدران الأبنية أو في مداخل الجسور، وقد يكون التمثال لتذكر سيرة بعض القادة بقصد التعظيم غير الديني، كتماثيل بعض الزعماء والعلماء في الساحات العامة.
{اِجْعَلْ لَنا إِلهاً} صنما نعبده. {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} حيث قابلتم نعمة الله عليكم بما قلتموه.
{مُتَبَّرٌ} هالك، والتتبير: الإهلاك والتدمير. {وَباطِلٌ} زائل لا بقاء له. {أَبْغِيكُمْ إِلهاً} مثل أبتغيكم: أي أطلب لكم.
المناسبة:
بعد أن بيّن الله تعالى أنواع نعمه على بني إسرائيل، بأن أهلك عدوهم، وأورثهم أرضهم وديارهم، أتبع ذلك بالنعمة العظمى: وهي أن الله جاوز بهم البحر مع السلامة. وهذا تكملة الفصل العاشر من قصة موسى مع فرعون.
ثم ارتدوا وجهلوا وطلبوا من موسى عبادة الأصنام. وفي هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عما رآه من يهود المدينة، فقد فعلوا ما هو أعظم مع نبيهم موسى عليه السلام. وفي بيان ذلك تذكير للمؤمنين أن يشكروا نعمة الله، وألا يكونوا مثل بني إسرائيل.
التفسير والبيان:
أنقذ الله بني إسرائيل من كيد فرعون وملئه، فعبروا البحر آمنين بالسير في أرضه دون سفن، بعد أن أوحى الله لنبيه موسى بضرب البحر فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم، ثم أغرق الله فرعون وقومه حينما لحقوا بهم، وفي وسط البحر أطبق عليهم الماء، كما وصف تعالى هذا الحادث العجيب بقوله:{فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ، فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ. وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ. وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ. ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}[الشعراء ٦٣/ ٢٦ - ٦٧].