المؤمنين، أعقبه ببيان خصائصهما، فذكر وظائف الرسول صلّى الله عليه وسلّم الثلاث (وفي الأحزاب: الخمس) ومدحه وأبان فائدة بعثته ليرتب عليه ذكر البيعة، فذكر بيعة الرضوان بين النّبي صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين، وأشاد بإخلاص المبايعين ونصرة دين الله تعالى، وأوضح جزاء ناقض العهد، ومن أوفى بالعهد.
التفسير والبيان:
{إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} أي إننا أرسلناك يا محمد رسولا شاهدا تشهد على الخلق وعلى أمتك تبليغ الرسالة، ومبشّرا بالجنة المؤمنين المطيعين، ومنذرا مخوّفا بالنار الكافرين العصاة.
{لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَتُعَزِّرُوهُ، وَتُوَقِّرُوهُ، وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} أي إنا أرسلناك لتؤمنوا بالله ورسوله-والخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولأمته- وتقووا وتؤيدوا الله بنصرة دينه ورسوله، وتعظّموه، وتنزّهوا الله عما لا يليق به من الشرك والولد والصاحبة والتّشبيه بالمخلوقات، على الدوام، أو في الغداة والعشي، أي أول النهار وآخره، والمراد صلاة الفجر وصلاة الظهر والعصر، كما قال ابن عباس. والمراد بتعزير الله: تعزير دينه ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.
قال الزمخشري: والضمائر-في الأفعال الثلاثة غير الأول-لله عزّ وجلّ، ومن فرّق الضمائر فقد أبعد.
وبعد بيان أنه مرسل، قال الله عزّ وجلّ تشريفا وتعظيما وتكريما ليبيّن أن من بايعه فقد بايع الله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ، يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} أي إن الذين يبايعونك أيها النّبي بيعة الرضوان بالحديبية تحت الشجرة على قتال قريش، إنما يبايعون الله، أي يطيعونه ويعاهدونه على امتثال أوامره، لأنهم