{مَواطِنَ كَثِيرَةٍ} أي مواقع الحرب ومشاهدها، مثل بدر وقريظة والنضير، والحديبية، وخيبر، وفتح مكة {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} أي واذكر، وهو واد بين مكة والطائف على ثلاثة أميال من الطائف، كانت فيه الوقعة بين المسلمين، وهم اثنا عشر ألفا، الذين حضروا فتح مكة، منضما إليهم ألفان من الطلقاء، وبين هوازن وثقيف، وهم أربعة آلاف مع من انضم إليهم من أمداد سائر العرب. وتسمى غزوته غزوة أوطاس، وغزوة هوازن، في شوال سنة ثمان، فكانوا الجم الغفير، فلما التقوا قال رجل من المسلمين:«لن نغلب اليوم من قلة» فساء ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
{إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ} بدل من {يَوْمَ}.
{بِما رَحُبَتْ} ما: مصدرية، و {رَحُبَتْ}: اتسعت، والرحب: السعة، والرحب:
الواسع، أي ضاقت عليكم الأرض مع رحبها أي سعتها، فلم تجدوا مكانا تطمئنون إليه، لشدة ما لحقكم من الخوف {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} أي هاربين منهزمين، وثبت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على بغلته البيضاء، وليس معه غير العباس، وأبو سفيان آخذ بركابه {سَكِينَتَهُ} طمأنينته {عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} أي فردوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما ناداهم العباس بإذنه وقاتلوا.
{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ}: أخرج البيهقي في الدلائل أن رجلا قال يوم حنين:
«لن نغلب اليوم من قلة» وكانوا اثني عشر ألفا، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأنزل الله:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} الآية.
المناسبة:
لما ذكر الله تعالى في الآية المتقدمة أنه يجب الإعراض عن مخالطة الآباء وغيرهم، رعاية لمصالح الدين، وعلم الله أن هذا يشق جدا على النفوس، ذكر ما يدل على أن من ترك الدنيا لأجل الدين، فإنه يوصله إلى مطلوبه من الدنيا أيضا، وضرب مثلا لذلك كثرة عسكر المؤمنين وقوتهم يوم حنين، فلما أعجبوا