{يَكْلَؤُكُمْ} يحرسكم ويحفظكم، والفعل الماضي: كلأ: حفظ، والمصدر: الكلاءة: الحراسة والحفظ. {مِنَ الرَّحْمنِ} أي من بأسه وعقابه الذي تستحقونه إن أراده بكم. وفي لفظ {الرَّحْمنِ} تنبيه على ألا كالئ غير رحمته العامة. {ذِكْرِ رَبِّهِمْ} أي القرآن. {مُعْرِضُونَ} لا يتفكرون فيه. {مِنْ دُونِنا} من غيرنا ومن عذابنا. {يُصْحَبُونَ} يجأرون من عذابنا، يقال: صحبك الله أي حفظك.
{أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ} من الله، لا من قبل نفسي. {وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ} إنما سماهم الصم لتركهم العمل بما سمعوه من الإنذار كالصم. {نَفْحَةٌ} نصيب قليل أو أدنى شيء، وأصل النفح: هبوب رائحة الشيء. {يا وَيْلَنا} يا هلاكنا، و {يا}: للتنبيه. {إِنّا كُنّا ظالِمِينَ} بالإشراك وتكذيب محمد صلّى الله عليه وسلم.
{وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ} أي ذوات العدل، توزن بها صحائف الأعمال. {لِيَوْمِ الْقِيامَةِ} أي فيه أو لجزاء يوم القيامة. {فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً} من نقص حسنة أو زيادة سيئة.
{وَإِنْ كانَ مِثْقالَ} أي وإن كان العمل أو الظلم مقدار حبة، وحبة الخردل مثل في الصغر.
{أَتَيْنا بِها} أحضرناها وأتينا بموزونها. {حاسِبِينَ} محصين كل شيء؛ إذ لا مزيد على علمنا وعدلنا.
المناسبة:
بعد أن أبان الله تعالى أن الكفار لا يستطيعون أن يكفوا النار عن وجوههم ولا عن ظهورهم، أتبعه ببيان أنهم في الدنيا أيضا، فلولا أن الله تعالى يحرسهم ويحفظهم لما بقوا سالمين.
ثم أردفه ببيان أنهم معرضون لا يتفكرون بالأدلة التي ترشدهم إلى الإيمان وترك عبادة الأصنام، كما أنهم لا يرون آثار قدرة الله في إتيان الأرض من جوانبها، بأخذ الواحد بعد الواحد، وفتح البلاد والقرى حول مكة، وفي ذلك عبرة، فيؤمنوا برسول الله صلّى الله عليه وسلم.