لإطفاء نور الإسلام، وإبطال أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم. {وَأَكِيدُ كَيْداً} أقابلهم بما يعلي أمره، وأدبّر أمرا خفيا لهم، وأستدرجهم للانتقام منهم بحيث لا يحتسبون ولا يعلمون. وليس المقصود بالكيد إذا أسند إلى الله على حقيقته؛ لأن الله تعالى ليس بحاجة إليه، وإنما المراد به جزاء العمل، من قبيل المشاكلة والمشابهة للجرم المرتكب. {فَمَهِّلِ} أنظرهم أو أعطهم مهلة يا محمد، فلا تشتغل بالانتقام منهم، أو لا تستعجل بإهلاكهم. {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} أمهلهم إمهالا يسيرا، أو قليلا أو قريبا، وتكرار الفعل وتغيير بنيته للمبالغة في الوعيد. وقد أخذهم الله تعالى ببدر، وفتح مكة، وتطهرت الجزيرة العربية من رجس الوثنية.
المناسبة:
بعد إثبات توحيد الله وقدرته على خلق الإنسان أولا، وإعادته بالبعث والمعاد، أقسم الله قسما آخر على صحة نزول القرآن من عند الله مشتملا على القول الفصل، وصحة رسالة النبي الكريم الذي نزل عليه الوحي القرآني، ثم أردفه بوعيد المفترين على القرآن والكائدين للرسول صلّى الله عليه وسلّم، ووعد هذا النبي وكل داع إلى الحق بالفوز والغلبة على الأعداء.
التفسير والبيان:
{وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ، وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ، إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَما هُوَ بِالْهَزْلِ} أي قسما آخر بالسماء ذات المطر الذي يجيء ويرجع ويتكرر من السماء، فيحيي الأرض بعد موتها، وينبت النبات، والأرض ذات الصدع: وهو ما تتصدع وتنشق عنه الأرض من النبات والثمار والشجر والمعدن والكنز والثروة النفطية والمائية، كما قال تعالى:{ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا..}. الآية [عبس ٢٦/ ٨٠ - ٣٢] قسما بالسماء والأرض، إن القرآن الكريم لقول حق لا ريب فيه، يفصل بين الحق والباطل، ولم ينزل باللعب واللهو، فهو جدّ حقّ ليس بالهزل، ولا بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة، تنزيل من حكيم حميد. فقوله:
{إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} جواب القسم. وسمي المطر رجعا من ترجيع الصوت وهو