عدوهم المشركين. ذكر جماعة من المفسرين: أن هذه أول آية نزلت في الجهاد بعد ما نهي عنه في نيف وسبعين آية {بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} أي بسبب أنهم ظلموا بظلم الكافرين إياهم {وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} وعد لهم بالنصر كما وعدهم بدفع أذى الكفار عنهم.
{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ} يعني مكة {بِغَيْرِ حَقٍّ} أي بغير موجب في الإخراج استحقوا به {إِلاّ أَنْ يَقُولُوا} أي بقولهم {رَبُّنَا اللهُ} وحده، وهذا القول حق، فالإخراج به إخراج بغير حق، {وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} بتسليط المؤمنين منهم على الكافرين {لَهُدِّمَتْ} لخربت باستيلاء المشركين على أهل الملل، والقراءة بالتشديد للتكثير، وقرئ بالتخفيف {صَوامِعُ} للرهبان وهي الأديرة، جمع صومعة {وَبِيَعٌ} كنائس للنصارى، جمع بيعة {وَصَلَواتٌ} كنائس اليهود، سميت بها؛ لأنها يصلى فيها، وقيل: أصلها: صلوتا بالعبرانية، فعرّبت {وَمَساجِدُ} معابد للمسلمين، جمع مسجد، والأرض كلها جعلت للنبي صلّى الله عليه وسلم مسجدا، وتربتها طهورا. {يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً} يذكر في المواضع الأربعة المذكورة، وتنقطع العبادة بخرابها {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} من ينصر دينه، وقد أنجز وعده، بأن سلط المهاجرين والأنصار على صناديد العرب وأكاسرة العجم وقياصرتهم، وأورثهم أرضهم وديارهم {إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} القوي: القادر على كل شيء، ومنه نصرهم، والعزيز: المنيع في سلطانه وقدرته، لا يغلبه غالب.
{إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} بنصرهم على عدوهم {وَلِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ} أي إليه مرجعها في الآخرة.
سبب النزول:
نزول الآية (٣٨):
{إِنَّ اللهَ يُدافِعُ}: روي أنها نزلت بسبب المؤمنين لما كثروا بمكة، وآذاهم الكفار، وهاجر من هاجر إلى أرض الحبشة، أراد بعض مؤمني مكة أن يقتل من أمكنه من الكفار، ويغتال ويغدر ويحتال، فنزلت هذه الآية.
نزول الآية (٣٩):
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ} الآية: أخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي والحاكم وصححه وابن سعد عن ابن عباس قال: خرج النبي صلّى الله عليه وسلم من مكة، فقال