وكما أن هذه خصائص التوراة، فكذلك خصائص القرآن مثلها فقال تعالى:
{وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ} أي وهذا القرآن العظيم المنزل عليك تذكير وعظة، ومبارك فيه بكثرة منافعه وغزارة خيره.
{أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ}؟ أي فمثل هذا الكتاب مع كثرة منافعه كيف يمكنكم إنكاره؟ وكيف تنكرونه وهو في غاية الجلاء والوضوح؟ وهو أيضا معجز لاشتماله على النظم العجيب والبلاغة البعيدة، والأدلة العقلية، وبيان الشرائع، فكيف تنكرون إنزاله من عند الله، وأنتم خير من يقدّر روعة الكلام وفصاحة اللسان وإحكام البيان؟!
فقه الحياة أو الأحكام:
اقتصر البيان في قصة موسى وهارون عليهما السلام على كتاب التوراة ليقرن الكلام عنه مع الكلام عن القرآن الكريم.
وقد تبين من الآيات أن التوراة فرقان بين الحق والباطل والحلال والحرام والغي والرشاد، وضياء يستضاء بها لسلوك طريق الهداية والنجاة، مثل قوله عنها في آية أخرى {إِنّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ}[المائدة ٤٤/ ٥] وعظة وتذكير للمتقين.
وهي أيضا أوصاف القرآن في آيات أخرى، فقال تعالى:{وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنّاسِ، وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ}[آل عمران ٤/ ٣]. {تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ، لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً}[الفرقان ١/ ٢٥]. وقال سبحانه:{قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ}[المائدة: ١٥/ ٥]{وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ}[الأعراف ١٥٧/ ٧]. وقال جل جلاله:{وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل ٤٤/ ١٦] {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ