للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالهم إلا أن تأتيهم الملائكة بالتهديد بقبض أرواحهم، أو أمر الله بعذاب الاستئصال (١). ثم نبّه تعالى إلى تشابه الكفار قديما وحديثا في الشرك والتكذيب، وتعرضهم للهلاك جزاء فعلهم والخلاصة: إن هذه الآية: {هَلْ يَنْظُرُونَ} هي الشبهة الثانية لمنكري النبوة، فإنهم طلبوا من النبي صلّى الله عليه وسلّم أن ينزل الله تعالى ملكا من السماء يشهد على صدقه في ادعاء النبوة، فقال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ} في التصديق بنبوتك إلا أن تأتيهم الملائكة شاهدين بذلك؟ (٢).

التفسير والبيان:

يهدد الله تعالى المشركين على تماديهم في الباطل واغترارهم بالدنيا، فيقول:

{هَلْ يَنْظُرُونَ.}. أي ما ينتظر كفار مكة وأمثالهم في التصديق بنبوة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم إلا أن تأتيهم الملائكة شاهدين بذلك، أو هل ينتظر هؤلاء الكفار الذين طعنوا في القرآن بأنه أساطير الأولين إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم؟ {أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} أي أو أن يأتيهم أمر ربك بعذاب الاستئصال في الدنيا كإرسال الصواعق أو الخسف، أو أن يأتي أمر ربك بيوم القيامة، وما يعاينونه من الأهوال، فهم لا ينزجرون عن الكفر إلا بمثل هذه الأمور.

والمقصود: حثهم على الإيمان بالله ورسوله قبل أن ينزل بهم أمر لا مرد لهم فيه.

{كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي هكذا تمادى الذين من قبلهم من المشركين في شركهم، حتى ذاقوا بأس الله، وحل بهم العذاب والنكال.


(١) البحر المحيط‍: ٤٨٩/ ٥
(٢) تفسير الرازي: ٢٦/ ٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>