وبعض المنافقين عاهد الله ورسوله: لئن أغناه الله من فضله، ليصدّقن وليكونن من الصالحين الذين ينفقون أموالهم في مرضاة الله، كصلة الرحم والجهاد. فقوله:{لَنَصَّدَّقَنَّ} إشارة إلى إخراج الزكاة الواجبة، وقوله:
{وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصّالِحِينَ} إشارة إلى إخراج كل مال يجب إخراجه على الإطلاق.
فلما رزقهم الله تعالى، وأعطاهم من فضله ما طلبوا، لم يوفوا بما قالوا، ولم يصدقوا فيما وعدوا، وإنما بخلوا به وأمسكوه، فلم يتصدقوا منه بشيء، ولم ينفقوا منه في مصالح الأمة كما عاهدوا الله عليه، بل تولوا بكل ما أوتوا من قوة عن العهد وطاعة الله، وأعرضوا إعراضا جازما عن النفقة وعن الإسلام، بسبب تأصل طبع النفاق في نفوسهم.
وبخلوا به أي بإعطاء الصدقة وبإنفاق المال في الخير، وبالوفاء بما ضمنوا والتزموا. وهم معرضون أي عن الإسلام. وهذا يدل على أنه تعالى وصفهم بصفات ثلاث: الأولى: البخل: وهو عبارة عن منع الحق، والثانية: التولي عن العهد، والثالثة: الإعراض عن تكاليف الله وأوامره.