توفيق الله ومعونته، فلا غالب لكم من الناس. وإن يرد خذلانكم وهزيمتكم ويمنعكم تأييده بما كسبت أيديكم من الفشل والتنازع وعصيان القائد فيما أمركم به، كما جرى يوم أحد، فلا يملك لكم أحد تحقيق النصر. وعلى الله فليتوكل المؤمنون، وليثقوا به بعد اتخاذ الأسباب؛ لأنه لا ناصر لهم سواه. وفي هذا ترغيب في التوكل على الله بعد المشاورة والاستعداد وعقد العزيمة الصادقة على فعل شيء مرغوب به شرعا.
فقه الحياة أو الأحكام:
إيراد هذه الأخلاق للنبي صلّى الله عليه وسلّم يقصد به الاقتداء به فيها؛ لأنه الأسوة الحسنة للمؤمنين، وهو قائدهم وهاديهم بالقول والفعل والصفات. ودلت آية {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ} على اختصاص نبينا بمكارم الأخلاق، وكان يجمع بين دواعي السمو كشرف النسب والحسب، وطهر النفس، والسخاء، وفصاحة البيان، وخاتم النبيين، وبين التواضع التام، فكان يرقع ثوبه ويخصف نعله ويجامل أهله والمستضعفين. قال ابن عطية: والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، من لا يستشير أهل العلم والدين، فعزله واجب. هذا مالا خلاف فيه. وقد مدح الله المؤمنين بقوله:{وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ}[الشورى ٣٨/ ٤٢].
ودل قوله تعالى {وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} على جواز الاجتهاد في الأمور والأخذ بالظنون، مع إمكان الوحي؛ فإن الله أذن لرسوله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك.
وهل الشورى ملزمة وواجبة على النبي صلّى الله عليه وسلّم أو من باب الندب تطييبا لقلوبهم؟ اختلف الفقهاء على قولين، والظاهر القول الأول؛ لما
روي الإمام أحمد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لأبي بكر:«لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما»
وروى ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن العزم، فقال: