للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزول الآية (٦٨):

{قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ}:

روى ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رافع بن حارثة، وسلام بن مسكين، ومالك بن الصيف، ورافع بن حرملة، فقالوا: يا محمد، ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه، وتؤمن بما عندنا من التوراة، وتشهد أنها من الله حق، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: بلى، ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها، مما أخذ عليكم من الميثاق، وكتمتم منها ما أمرتم أن تبينوه للناس، وأنا بريء من أحداثكم، قالوا: فإنا نأخذ بما في أيدينا، فإنا على الحق والهدى، ولا نؤمن بك، ولا نتبعك، فأنزل الله: {قُلْ: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ، وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} إلى قوله: {فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ١}.

وقال ابن عباس: جاء جماعة من اليهود إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ألست تقرّ أن التوراة حق من عند الله؟ قال: بلى، فقالوا: فإنا نؤمن بها ولا نؤمن بما عداها، فنزلت الآية، أي لستم على شيء من الدين حتى تعملوا بما في الكتابين من الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام، والعمل بما يوجبه ذلك منهما (٢).

المناسبة:

أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم بأن لا ينظر إلى قلة المقتصدين المعتدلين وكثرة الفاسقين من أهل الكتاب، ولا يخشى مكروههم، فقال: {بَلِّغْ} أي واصبر على تبليغ ما أنزلته إليك من كشف أسرارهم وفضائح أفعالهم، فإن الله يعصمك من كيدهم، ويصونك من مكرهم.


(١) تفسير الطبري: ٢٠٠/ ٦، أسباب النزول للسيوطي.
(٢) تفسير القرطبي: ٢٤٥/ ٦

<<  <  ج: ص:  >  >>