للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله. قال السيوطي: في هذا الحديث دليل على أن الآية ليلية، نزلت ليلا، فراشية، والرسول في فراشه.

وأخرج ابن حبان في صحيحة عن أبي هريرة قال: كنا إذا أصبحنا ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر، تركنا له أعظم شجرة وأظلها، فينزل تحتها، فنزل ذات يوم تحت شجرة وعلق سيفه فيها، فجاء رجل فأخذه، وقال: يا محمد، من يمنعك مني؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الله يمنعني منك، ضع السيف، فوضعه، فنزلت: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ}.

وروى ابن مردويه عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أي آية من السماء أنزلت أشد عليك؟ فقال: كنت بمنى أيام موسم، واجتمع مشركو العرب وأفناء الناس (أي لا يعلم ممن هم) فنزل علي جبريل فقال: {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ} الآية، فقمت عند العقبة فقلت: أيها الناس، من ينصرني على أن أبلغ رسالات ربي، ولكم الجنة؟.

أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله، وأنا رسول الله إليكم، تفلحوا، ولكم الجنة، قال صلّى الله عليه وسلّم: فما بقي رجل ولا أمة ولا صبي إلا يرمون علي بالتراب والحجارة، ويقول: كذاب صابئ، فعرض علي عارض، فقال: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، وانصرني عليهم أن يجيبوني إلى طاعتك، فجاء العباس عمه فأنقذه منهم وطردهم عنه.

قال السيوطي: وهذا يقتضي أن الآية مكية، والظاهر خلافه.

وقال الرازي: واعلم أن هذه الروايات وإن كثرت، إلا أن الأولى حملها على أنه تعالى آمنه من مكر اليهود والنصارى، وأمره بإظهار التبليغ من غير مبالاة منه بهم (١).


(١) تفسير الرازي: ٥٠/ ١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>