وتبرئ الأكمة الذي ولد أعمى، وتشفي الأبرص من المرض الجلدي، وتحيى الموتى، وكل ذلك بإذني وأمري، فأنت تدعوهم من قبورهم، فيقومون أحياء بإذن الله وقدرته وإرادته ومشيئته.
وكففت عنك بني إسرائيل حين جئتهم بالبراهين والحجج القاطعة على نبوّتك ورسالتك من الله، فكذّبوك واتّهموك بأنك ساحر، وهمّوا بقتلك وصلبك، فنجّيتك منهم، ورفعتك إليّ، وكفيتك شرّهم.
وقد عبّر تعالى عن كل تلك النّعم التي امتنّ الله بها على عيسى بصيغة الماضي للدّلالة على وقوعه.
وإذ ألهمت الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي عيسى، فجعلت لك أصحابا وأنصارا، فقالوا: آمنّا بالله وبرسوله، أي ألهموا ذلك فامتثلوا ما ألهموا، واشهد بأنّا مسلمون منقادون لله سرّا وعلانية.
ويلاحظ أن الوحي قد يأتي بمعنى الإلهام كما تقدّم بيانه، كما قال تعالى:
{وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ}[القصص ٧/ ٢٨] وهو وحي إلهام بلا خلاف، وكما قال تعالى:{وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً}[النحل ٦٨/ ١٦].
فقه الحياة أو الأحكام:
إن تذكير عيسى بنعمة الله عليه وعلى والدته، وإن كان لهما متذكرا لأمرين: أحدهما-ليتلو على الأمم ما خصّهما به من الكرامة، وميّزهما به من علو المنزلة. والثاني-ليؤكّد به حجّته، ويردّ به جاحده.
ثم عدّد تعالى نعمه على عيسى عليه السّلام وهي ثمان، منها معجزات أيّده الله بها: وهي الكلام في المهد، وخلق الطير، وإبراء الأكمه والأبرص، وإحياء