أي قال الله: أنا الحق أو الحق مني ملء جهنم من إبليس وأتباعه، وأقول الحق:
لأملأن جهنم من جنسك من الشياطين، وممن تبعك من ذرية آدم، فأطاعوك إذ دعوتهم إلى الضلال والغواية. فهذا قسم من الله تعالى لإبليس أنه سيدخله وأتباعه النار حتى تمتلئ منهم. وقال الزمخشري:{وَالْحَقَّ أَقُولُ} أي ولا أقول إلا الحق، على حكاية لفظ المقسم به، ومعناه التوكيد والتسديد.
فقه الحياة أو الأحكام:
قصة آدم عليه السلام هذه مع إبليس اللعين: تصوير بالغ للأمر الإلهي، وبيان مدى طاعته، وتقرير العقاب على المخالف، وعناصر القصة هي:
-لقد أخبر الله الملائكة أنه سيخلق بشرا من التراب، فإذا خلقه وأحياه، فيجب عليكم أن تسجدوا له إكراما وتحية، لا عبادة وتأليها.
-فامتثل الملائكة وسجدوا كلهم مجتمعين لآدم خضوعا له وتعظيما لله بتعظيمه إلا إبليس الذي كان من جنس الجن، فخانه طبعه وجبلته، فأنف من السجود لآدم، جهلا بأن السجود له طاعة لله، والأنفة من طاعة الله استكبارا كفر، ولذلك كان من الكافرين باستكباره عن أمر الله تعالى.
-سأله ربه سؤال تقرير وتوبيخ عن سبب امتناعه من السجود لما خلق الله، أكان ذلك استكبارا عن السجود أم كان من المتكبرين على ربه، فتكبر لهذا؟ -أجاب إبليس بأنه خير من آدم، لأنه مخلوق من النار وآدم مخلوق من الطين، والنار في زعمه أشرف من الطين لما فيها من خاصية الارتفاع والاندفاع والتعالي. وهذا جهل منه، لأن الجواهر أو العناصر متجانسة متساوية، فقاس وأخطأ القياس.