{وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ} مواضع الصلاة مختصة بالله. {فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} فلا تعبدوا فيها غيره، بأن تشركوا كما يفعل اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم. {لَمّا قامَ عَبْدُ اللهِ} هو محمد صلّى الله عليه وسلّم باتفاق الجميع. {يَدْعُوهُ} يعبده ببطن نخلة. {كادُوا} كاد الجن المستمعون لقراءته. {لِبَداً} جماعات، جمع لبدة: والمراد أنهم صاروا متزاحمين حرصا على سماع القرآن.
يقال: تلبد القوم: إذا تجمعوا، ومنه قولهم: لبدة الأسد للشعر المتراكم حول عنقه.
{قُلْ: إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} أعبد ربي إلها واحدا من غير إشراك، فلا داعي للإنكار أو التعجب. {ضَرًّا وَلا رَشَداً} غيا وضررا، ولا نفعا وخيرا. {لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ} لن ينفعني ويدفع عني من عذابه شيء إن عصيته. {مِنْ دُونِهِ} من غيره. {مُلْتَحَداً} ملتجأ أو ملجأ ألتجئ إليه. {إِلاّ بَلاغاً} تبليغا لرسالاته، وهو استثناء من مفعول {أَمْلِكُ} أي لا أملك لكم إلا البلاغ إليكم أي التبليغ والرسالات، وما بين المستثنى منه والاستثناء اعتراض مؤكد لنفي الاستطاعة، أو مستثنى من قوله {مُلْتَحَداً} أي إن لم أبلغ بلاغا لا أجد ملجأ {مِنَ اللهِ} أي عن الله. {وَرِسالاتِهِ} معطوف على {بَلاغاً}.
{وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ} أي في توحيد الله، فلم يؤمن؛ لأن الكلام فيه. {فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها} أي يدخلونها مقدار خلودهم فيها، وجمع كلمة {خالِدِينَ} رعاية لمعنى الجمع في {مَنْ يَعْصِ}. وقوله {اللهِ} مراعاة للفظ {حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ} أي ما يوعدون به من العقاب في الدنيا كوقعة بدر أو في الآخرة بعذاب النار و {حَتّى} ابتدائية فيها معنى الغاية لشيء مقدر قبلها، أي لا يزالون على كفرهم إلى أن يروا، أو أنها متعلقة بقوله:{يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} أي يتظاهرون عليه بالعداوة ويستضعفون أنصاره. {فَسَيَعْلَمُونَ} عند حلول العذاب بهم يوم بدر أو يوم القيامة {مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً} من أضعف أعوانا وأقل أعدادا، هو أم هم.
سبب النزول:
نزول الآية (١٨):
{وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ}: أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قالت