للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبب نزول الآية (٩٤):

أخرج ابن جرير الطبري عن أبي العالية قال: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، فأنزل الله: {قُلْ: إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً.}. [البقرة ٩٤/ ٢].

التفسير والبيان:

أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يقول لليهود: إن كنتم صادقين في دعواكم أن الجنة خالصة لكم من دون الناس، وأن النار لن تمسكم إلا أياما معدودات، وأنكم شعب الله المختار، فاطلبوا الموت الذي يوصلكم إلى ذلك النعيم الخالص الدائم الذي لا ينازعكم فيه أحد، إذ لا يرغب الإنسان عن السعادة ويختار الشقاء. ولو تمنوه يوم قال لهم ذلك، ما بقي على الأرض يهودي إلا مات. قال ابن عباس: «ولو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه».

وروي عن ابن عباس أن المراد: ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب منا ومنكم، فأبوا ذلك وما دعوا، لعلمهم بكذبهم.

قال ابن كثير: هذا الذي فسر به ابن عباس الآية هو المتعين، وهو الدعاء على أي الفريقين أكذب منهم أو من المسلمين على وجه المباهلة. والقول بتمني الموت لا تظهر فيه الحجة عليهم، إذ يقال: إنه لا يلزم من كونهم يعتقدون أنهم صادقون في دعواهم أنهم يتمنون الموت، فإنه لا ملازمة بين وجود الصلاح وتمني الموت، وكم من صالح لا يتمنى الموت، بل يود لو يعمر، ليزداد خيرا، وترتفع درجته في الجنة، كما

جاء في الحديث: «خيركم من طال عمره، وحسن عمله» (١).


(١) تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ١٢٧/ ١ - ١٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>