للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى البخاري عن سعيد بن المسيب قال: البحيرة: التي يمنع درّها للطواغيت، فلا يحلبها أحد من الناس. والسائبة: التي كانوا يسيبونها لآلهتهم، فلا يحمل عليها شيء. والوصيلة: الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل بأنثى ثم تثني بعد بأنثى، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بأخرى، ليس بينهما ذكر. والحام: فحل الإبل يضرب الضراب المعدود، فإذا قضى ضرابه، ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل عليه، فلا يحمل عليه شيء، وسموه الحامي.

{يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ} أي يختلقون الكذب في ذلك، وفي نسبته إلى الله. {وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} أن ذلك افتراء؛ لأنهم قلدوا فيه آباءهم. {إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ} أي إلى حكمه من تحليل ما حرمتم. {حَسْبُنا} كافينا. {ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا} من الدين والشريعة. {أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ} استفهام إنكاري. {وَلا يَهْتَدُونَ} إلى الحق.

المناسبة:

كما نهى تعالى ومنع الناس من السؤال والبحث عن أمور ما كلفوا بالبحث عنها، كذلك منعهم عن التزام أمور ما كلفوا التزامها، وبيّن ضلال أهل الجاهلية فيما حرموه على أنفسهم وما شرعوه بغير إذن ربهم، وأن ذلك باطل، وأن التقليد باطل أيضا مناف للعلم والدين.

التفسير والبيان:

ما شرع الله أصلا تحريم هذه الأشياء الأربعة، وما حرّم البحيرة ولا السائبة، ولا الوصيلة، ولا الحامي، ولكن أهل الجاهلية بتحريمهم ما حرموا يفترون على الله الكذب، حيث ما كانوا يفعلون ما يفعلون، وينسبونه إلى شرع الله، وأكثرهم لا يفعلون أن ذلك افتراء على الله، وتعطيل للعقل والفكر، وكفر ووثنية وشرك، والله لا يأمر بالكفر ولا يرضاه لعباده.

وكان أول من حرم هذه المحرمات، وشرع للعرب عبادة الأصنام هو عمرو بن لحيّ الخزاعي، فهو الذي غيّر دين إبراهيم، وبحر البحيرة، وسيّب السائبة وحمى الحامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>