للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هذا الضعف بادر موسى وهارون إلى دعوة فرعون وقومه إلى الإيمان بالله تعالى، والتّرفع عن التّأله وتعظيم ما دون الله.

وأيد الله موسى بآيات تسع سلّطها على أهل مصر، كالقحط‍ المتوالي، ونقص الأنفس والأموال والثّمرات بسبب الأمراض والجوع، والطّوفان والجراد والقمّل والضّفادع والدّم، ومع ذلك لم يؤمن فرعون وقومه، ووصفوا الآيات والمعجزات بالسّحر.

فعجب موسى منهم ووبّخهم منكرا عليهم وصف المعجزة بالسّحر، وناقشهم ببيان الفرق الواضح بين المعجزة والسّحر، فلم يجدوا جوابا مقنعا إلا الارتماء في أحضان التّقليد واتّباع دين الآباء والأجداد، والتّرفع عن الإيمان، واتّهموا موسى وأخاه بأنهما يستهدفان من وراء دعوتهما الوصول إلى السلطة والملك في أرض مصر، ولم يدروا بأن الإيمان بالله وبالأنبياء أسمى وأجل وأقدس من النزعات الشخصية الشهوانية، وحبّ السّلطة والتّسلط‍، فهذه مظاهر فانية، وأثر الإيمان خالد باق.

والخلاصة:

إن قوم فرعون عللوا عدم قبول دعوة موسى بأمرين:

الأول-التّمسك بالتّقليد: وهو معنى قوله تعالى: {أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا} فإنهم تمسكوا بالتّقليد، ودفعوا الحجة الظاهرة بمجرد الإصرار.

والثاني-الاتّهام بالحرص على طلب الدّنيا والوصول إلى الرّياسة: وهو معنى قوله تعالى: {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ} أي يكون لكما الملك والعزّ في أرض مصر، والخطاب هنا لموسى وهارون، ولما ذكروا هذين السّببين صرحوا بالحكم وقالوا: {وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>