للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير والبيان:

هذا نبأ عجيب غريب عن قريش والعرب لا علم لنا به من غير القرآن، قال تعالى:

{وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ: لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ} أقسمت قريش والعرب بالله أغلظ‍ الأيمان قبل إرسال الرسول إليهم: لئن جاءهم من الله رسول منذر ليكونن أمثل من أي أمة من الأمم أو من جميع الأمم الذين أرسل إليهم الرسل في الطاعة، وأشدهم تمسكا بالرسالة وقبولا لها.

وذلك كقوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا: إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا، وَإِنْ كُنّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا: لَوْ أَنّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنّا أَهْدى مِنْهُمْ، فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ، فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها، سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ} [الأنعام ١٥٦/ ٦ - ١٥٧].

{فَلَمّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ، ما زادَهُمْ إِلاّ نُفُوراً، اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ، وَمَكْرَ السَّيِّئِ} أي فلما أتاهم ما تمنوه، وهو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما أنزل عليه من القرآن العظيم، ما ازدادوا إلا كفرا إلى كفرهم وتباعدا عن الإيمان وإجابة النبي صلّى الله عليه وسلّم، مستكبرين عن اتباع آيات الله، ومكروا بالناس في صدهم إياهم عن سبيل الله تعالى.

وبه تبين ألا عهد لهم، ولا صدق في كلامهم، ولا وفاء بما يقولون، فتحملوا ثم فعلهم كما قال تعالى:

{وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ} أي وما يعود وبال ذلك إلا عليهم نفسهم دون غيرهم، وعادت عليهم عاقبة مكرهم بالإثم والوزر، ونزلت عاقبة لسوء بمن أساء، قبل المساء إليه، كما قال تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء ٢٢٧/ ٢٦] ومكر السيء: أي مكر العمل السيء، والمكر: هو الحيلة والخداع والعمل القبيح، وهو هنا الكفر وخداع الضعفاء، وصدهم عن الإيمان ليكثر أتباعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>