{وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ..}. أي قال المتبوعون للأتباع: إذا كنا قد أضللناكم، فليس لكم فضل علينا، فقد ضللتم كما ضللنا، فنحن وأنتم سواء في استحقاق الضعف، أي قد كفرتم وفعلتم كما فعلنا، فليس تستحقون تخفيفا من العذاب.
فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون، أي تلقوا عذاب الله بما تسببتم به من الكفر والضلال. وهذا من قول القادة، أو من قول الله لهم جميعا. وهو مثل قوله تعالى:{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ. قالُوا: إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ. قالُوا: بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ. وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ، بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ. فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا: إِنّا لَذائِقُونَ. فَأَغْوَيْناكُمْ إِنّا كُنّا غاوِينَ}.
{فَذُوقُوا الْعَذابَ} التّخويف والزّجر، لأنه تعالى لما أخبر عن الرؤساء والأتباع أن بعضهم يتبرأ من بعض، ويلعن بعضهم بعضا، كان ذلك سببا لوقوع الخوف الشديد في القلب.
فقه الحياة أو الأحكام:
أيّ ظلم أشنع من الافتراء على الله تعالى بالتّحليل والتّحريم من غير حكم الله، والتّكذيب بآيات الله قولا أو استهزاء أو استكبارا عن اتّباعها؟! وبالرغم من هذا فإنّ هؤلاء المكذّبين ينالهم ما كتب لهم من رزق وعمر وعمل، وما وعدوا به من خير وشرّ.
ومعنى: ما كتب لهم في اختيار الطّبري، وهو المروي عن ابن زيد وابن عباس وابن جبير: ما قدر لهم من خير وشرّ ورزق وعمل وأجل.
والمقرر أن السّادة والأتباع في الكفر سواء، يدخلون النّار، ويضاعف لهم العذاب، إما بالإضلال وهو فعل السّادة، أو بالتّقليد وإهمال العقل، وهو فعل