الذي تشهده الناس والملائكة. {قُتِلَ} لعن وهو جواب القسم بتقدير: لقد. {أَصْحابُ الْأُخْدُودِ} الشق المستطيل المحفور في الأرض، وجمعه أخاديد، وأصحاب الأخدود: قوم جبارون أحرقوا جماعة من المؤمنين في أخدود في نجران اليمن، بعد أن أوقدوا فيه نارا عظيمة، ثم ألقوهم فيها. {النّارِ ذاتِ الْوَقُودِ} أي الأخدود المشتمل على النار ذات الوقود أي ما توقد به، وهو وصف لها بالعظمة وكثرة ما يرتفع به لهبها.
{إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ} قاعدون على حافة النار. {وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} أي وهم حضور على تعذيب المؤمنين بالله، بالإلقاء في النار، إن لم يرجعوا عن إيمانهم، ويشهدون على ما يفعلون يوم القيامة حين تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم. {وَما نَقَمُوا} أنكروا وعابوا.
{الْعَزِيزِ} الغالب الذي يخشى عقابه ولا يغلب. {الْحَمِيدِ} المحمود على نعمه وعلى كل حال، والذي يرجى ثوابه. {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} شاهد عالم، وهو للإشعار بما يستحق أن يؤمن به ويعبد.
التفسير والبيان:
{وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ} أي أقسم بالسماء وبروجها وهي النجوم العظام، وأشهر الأقوال أنها منازل الكواكب، وهي اثنا عشر برجا لاثني عشر كوكبا.
وهي التي تقطعها الشمس في سنة، والقمر في ثمانية وعشرين يوما. أقسم الله بها تنويها بها وتعظيما وتشريفا لها، حيث نيط بها تغيرات في الأرض بحلول الكواكب فيها، فينشأ عنها الفصول الأربعة، وما فيها من حرارة وبرودة، وينشأ عنها عدد السنين والحساب.
وجاء ذكر البروج في آيتين أخريين هما:{وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنّاها لِلنّاظِرِينَ}[الحجر ١٦/ ١٥]، وقال تعالى:{تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً، وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً}[الفرقان ٦١/ ٢٥].
{وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ، وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} أي وأقسم بيوم القيامة الموعود به، وبمن يشهد في ذلك اليوم، ومن يشهد عليه. وهذا إن كان ذلك مأخوذا من الشهادة. فإن كان مأخوذا من الحضور بمعنى أن الشاهد هو الحاضر، كقوله: