للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا زان، كنت كاذبا، فأثمت في الكذب، وأخذت فيما نسب إليك من ذلك، فلم تربح شيئا، وربما خسرت. وإن مطلك غني دون عذر، قل: يا ظالم، يا آكل أموال الناس.

قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم في الصحيح: «ليّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته» (١) أما عرضه فيما فسرناه، وأما عقوبته فبالسجن حتى يؤدّي.

٥ - المماثلة في القصاص:

وأرشدت أيضا آية {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ} إلى مبدأ المماثلة في القصاص، ونظيرها آية: {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل ١٢٦/ ١٦]، فمن قتل بشيء قتل بمثل ما قتل به، ما لم يقتله بفسق أو معصية كاللواط‍ وإسقاء الخمر، فيقتل بالسيف، وهذا قول الجمهور، واستثنى المالكية أيضا القتل بالنار أو السّم، لا يقتل به،

لقول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يعذب بالنار إلا الله» والسم نار باطنة.

وقال أبو حنيفة، وأحمد في الأصح في مذهبه: إنه لا قود إلا بحديدة، بدليل

حديث النعمان بن بشير-فيما رواه ابن ماجه والبيهقي والدارقطني-:

«لا قود إلا بحديدة، ولا قود إلا بالسيف».

وانفرد أبو حنيفة بالقول فيمن قتل بخنق أو بسمّ أو تردية من جبل أو بئر أو بخشبة، إنه لا يقتل ولا يقتص منه، إذ القتل بمثقل عنده لا يوجب القصاص، لأنه قتل شبه عمد، يوجب الدية على عاقلة القاتل. وإنما القصاص يجب بالقتل بمحدّد حديد أو حجر أو خشب أو كان معروفا بالخنق والتّردية.


(١) اللي: المطل، والواجد: القادر على قضاء دينه. والحديث أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم عن الشريد بن سويد.

<<  <  ج: ص:  >  >>