الرازي-وما أصوب ما قال-: وأكثر المفسرين يقولون بأن كل ما في القرآن من قوله تعالى: {فَأَعْرِضْ} منسوخ بآية القتال، وهو باطل، فإن الأمر بالإعراض موافق لآية القتال، فكيف ينسخ به؟ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مأمورا بالدعاء بالحكمة والموعظة الحسنة، فلما عارضوه بأباطيلهم قيل له:
{وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ثم لما لم ينفع قال له ربه: فأعرض عنهم، ولا تقابلهم بالدليل والبرهان، فإنهم لا يتبعون إلا الظن، ولا يتبعون الحق، وقابلهم بالإعراض عن المناظرة بشرط جواز المقابلة، فكيف يكون منسوخا (١)؟! ٥ - شأن الكفار غالبا الاهتمام بالدنيا فقط، وجهل أمر الدين والآخرة، فهم قوم ماديون، كما نشاهد اليوم، لذا أخبر الله تعالى عنهم بأن طلب الدنيا هو قدر عقولهم، ونهاية علمهم، لأنهم آثروا الدنيا على الآخرة:{إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً}[الدهر ٢٧/ ٧٦].
٦ - ختمت الآيات بالوعيد والتهديد، فالله تعالى أعلم بالضالين، وأعلم بالمهتدين، فلا داعي للمعاناة، وسيجازي كلاّ بأعمالهم خيرها وشرها.