{وَقُلِ} خطاب للنبي ولأصحابه. {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} الحق ومنه القرآن: ما يكون من جهة الله تعالى، لا ما يقتضيه الهوى. {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ} تهديد لهم ووعيد، قال البيضاوي: وهو لا يقتضي استقلال العبد بفعله، فإنه وإن كان بمشيئته، فمشيئته ليست إلا بمشيئة الله تعالى. {أَعْتَدْنا} أعددنا وهيأنا. {لِلظّالِمِينَ} الكافرين. {سُرادِقُها} هو الفسطاط، وهو لفظ فارسي معرب، شبّه به ما يحيط بهم من لهب النار. {كَالْمُهْلِ} كعكر الزيت، أو كالشيء المذاب من المعادن كالنحاس والرصاص. {يَشْوِي الْوُجُوهَ} من حره إذا قدّم أو قرّب منها للشرب. {بِئْسَ الشَّرابُ} المهل هو. {وَساءَتْ مُرْتَفَقاً} أي وساءت النار متكأ، وهو لمقابلة قوله تعالى الآتي {وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} وإلا فلا ارتفاق لأهل النار. و {مُرْتَفَقاً}: تمييز منقول عن الفاعل، أي قبح مرتفقها.
{إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} خبر {إِنَّ الَّذِينَ} وفيها إقامة الظاهر مقام المضمر، أي لا نضيع أجرهم، أي نثيبهم بما تضمنه. ويجوز أن يكون الخبر {أُولئِكَ لَهُمْ جَنّاتُ عَدْنٍ} وما بينهما اعتراض. وهذا على الوجه الأول استئناف لبيان الأجر، أو خبر ثان. {جَنّاتُ عَدْنٍ} إقامة واستقرار. {مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ}{مِنْ} الأولى للابتداء، والثانية للبيان، صفة لأساور، وهي جمع أسورة أو أسوار في جمع سوار، أي فهي جمع الجمع. وتنكير لفظها لتعظيم حسنها عن الإحاطة به.
{سُنْدُسٍ} مارقّ من الديباج، وهو فارسي معرب. {وَإِسْتَبْرَقٍ} ما غلظ منه، وهو رومي معرّب. جاء في آية من سورة الرحمن {بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ}[٥٤] وجمع بين النوعين للدلالة على أن فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين. {الْأَرائِكِ} السرر، جمع أريكة وهي السرير الذي عليه الحجلة (الناموسية في عرفنا). {نِعْمَ الثَّوابُ} الجنة ونعيمها.
سبب النزول:
نزول الآية (٢٨):
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ}: عن سلمان الفارسي قال: جاءت المؤلفة القلوب إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس وذووهم، فقالوا:
يا رسول الله، إنك لو جلست في صدر المجلس، ونحّيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم، يعنون. سلمان وأبا ذرّ وفقراء المسلمين، وكانت عليهم جباب الصوف، ولم يكن عليهم غيرها، جلسنا إليك، وحادثناك وأخذنا عنك، فأنزل الله