السيف، يبست، والتفت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فرآه، فانصرف عنهما، فخرجا، حتى إذا كانا بالرّقم (موضع) أرسل الله على أربد صاعقة، فقتلته، فأنزل الله:
{اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى} إلى قوله {شَدِيدُ الْمِحالِ}. وأما عامر فأرسل الطاعون عليه، فخرجت فيه غدّة كغدة الجمل، ومات في بيت سلولية.
وذكر الواحدي ما رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده والنسائي والبزار عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث رجلا مرّة إلى رجل من فراعنة العرب، فقال: اذهب فادعه لي، فقال: يا رسول الله، إنه أعتى من ذلك، قال: اذهب فادعه لي، قال: فذهب إليه، فقال: يدعوك رسول الله، قال: وما الله، أمن ذهب هو، أو من فضة أو من نحاس؟ فرجع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره، وقال: وقد أخبرتك أنه أعتى من ذلك، فقال: ارجع إليه الثانية فادعه، فرجع إليه، فعاد عليه مثل الكلام الأول، فرجع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبره، فقال: ارجع إليه، فرجع الثالثة، فأعاد عليه ذلك الكلام، فبينا هو يكلمني، إذ بعثت إليه سحابة حيال رأسه، فرعدت، فوقعت منها صاعقة، فذهبت بقحف رأسه، فأنزل الله تعالى:{وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ، فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ، وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ، وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ}(١).
المناسبة:
بعد أن خوّف الله تعالى عباده بأنه إذا أراد السوء بقوم فلا مردّ له، أتبعه بهذه الآيات المشتملة على أمور ثلاثة، فهي دلائل على قدرة الله تعالى وحكمته، وتشبه النعم والإحسان حينا، وتشبه العذاب والقهر والنقمة حينا آخر.
(١) أسباب النزول للواحدي ١٥٦، تفسير ابن كثير: ٥٠٥/ ٢، تفسير القرطبي: ٢٩٦/ ٩ - ٢٩٨ الكشاف: ١٦٢/ ٢