صلّى الله عليه وسلّم، فلم يعرفوا قدر هذه النعمة، وأبان أسباب وقوعهم في سوء المصير في جهنم، ثم أمرهم على سبيل الوعيد والتهديد بالتمتع في نعيم الدنيا، ثم أمر المؤمنين بمجاهدة النفس والهوى بالصلاة والإنفاق.
التفسير والبيان:
يدعو الله تعالى إلى التعجب من أمر كفار مكة وأمثالهم الذين وصفهم الله بصفتين هما السبب الأول في دخولهم نار جهنم وهي:
١ - {بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً} أي بدلوا شكر نعمة الله كفرا، فإن شكر النعمة واجب عقلا وشرعا، لكنهم خرجوا عن هذا الواجب، وجعلوا بدل الشكر كفرا وجحودا. وهم كفار أهل مكة، وهو المشهور الصحيح عن ابن عباس في هذه الآية، قال ابن كثير: وإن كان المعنى يعم جميع الكفار، فإن الله تعالى بعث محمدا صلّى الله عليه وسلّم رحمة للعالمين، ونعمة للناس، فمن قبلها وقام بشكرها، دخل الجنة، ومن ردّها وكفرها دخل النار.
٢ - {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ} أي وأنزلوا قومهم الذين شايعوهم في الكفر، واتبعوهم في الضلال، دار الهلاك الذي لا هلاك بعده.
ودار البوار هي جهنم مقر العذاب التي يدخلونها ويقاسون حرها، وبئس المقر جهنم.
والسبب الثاني:{وَجَعَلُوا لِلّهِ أَنْداداً} أي واتخذوا لله شركاء عبدوهم معه، ودعوا الناس إلى ذلك، فقالوا في الحج مثلا: لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك.
والسبب الثالث:{لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} أي اتخذوا الأنداد أو الشركاء لتكون عاقبة أمرهم إضلال من شايعهم واتبعهم، وصرفهم عن دين الله، وإبقاءهم