{الْأَعْرابُ} سكان البادية. {آمَنّا} صدّقنا بما جئت به من الشرائع، وامتثلنا الأوامر، والإيمان: التصديق بالقلب مع الثقة والطمأنينة. {أَسْلَمْنا} انقدنا ظاهرا، والإسلام: الاستسلام والانقياد الظاهري وإظهار الشهادتين وترك المحاربة. {وَلَمّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ} لم يدخل الإيمان في قلوبكم إلى الآن، لكنه يتوقع منكم. {وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ} بالإخلاص وترك النفاق.
{لا يَلِتْكُمْ} لا ينقصكم. {مِنْ أَعْمالِكُمْ} من ثواب أعمالكم. {وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ} لما فرط من المؤمنين. {رَحِيمٌ} بالتفضل عليهم.
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ} الصادقو الإيمان، بدليل ما بعده. {لَمْ يَرْتابُوا} لم يشكّوا في شيء من الإيمان. {وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ} في طاعة الله ورضوانه. {أُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ} هم الذين صدقوا في إيمانهم، لا من قالوا: آمنا ولم تؤمن قلوبهم، ولم يوجد منهم غير الإسلام الظاهري.
لا يخفى عليه خافية، وهو تجهيل لهم وتوبيخ. {يَمُنُّونَ} يمتنون ويعدون إسلامهم عليك منّة ونعمة مسداة لك. {لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ} أي لا تمتنوا علي بإسلامكم. {بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ} أي بحسب زعمكم، علما بأن الهداية لا تستلزم الاهتداء. {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} في ادعاء الإيمان، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، أي فلله المنة والفضل عليكم.
{غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} ما غاب فيهما. {وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} في سركم وعلانيتكم، فكيف يخفى عليه ما في ضمائركم؟.
سبب النزول:
نزول الآية (١٤):
{قالَتِ الْأَعْرابُ}: نزلت في نفر من بني أسد بن خزيمة، قدموا المدينة في سنة جدبة، وأظهروا الشهادتين، ولم يكونوا مؤمنين في السرّ، وكانوا يقولون لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أتيناك بالأثقال والعيال، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأعطنا من الصدقة، وجعلوا يمنون عليه، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية (١).