وأخرج أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلم يقول:«من حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى، فقد ضادّ الله عز وجل».
كذلك يحرم على الإمام الحاكم قبول الشفاعة في الحدود، لما أخرجه مالك عن الزبير بن العوام رضي الله عنه:«أنه لقي رجلا قد أخذ سارقا يريد أن يذهب به إلى السلطان، فشفع له الزبير ليرسله، فقال: لا، حتى أبلغ به إلى السلطان، فقال الزبير: إنما الشفاعة قبل أن يبلغ السلطان، فإذا بلغ السلطان، لعن الشافع والمشفع».
٧ - الترغيب في إقامة الحدود:
دل قوله تعالى:{إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} على الحث على إقامة الحد، وامتثال أمر الله تعالى وتنفيذ أحكامه على النحو الذي شرعها.
٨ - حضور إقامة الحد:
دل ظاهر قوله تعالى:{وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} على وجوب الحضور على طائفة من المؤمنين، للتنكيل والعبرة والعظة، لكن الفقهاء اختلفوا في ذلك:
فقال الحنفية والحنابلة: ينبغي أن تقام الحدود كلها في ملأ من الناس؛ لأن المقصود من الحد هو زجر الناس. والطائفة في قول أحمد والنخعي: واحد.
وقال المالكية والشافعية: يستحب حضور جماعة، وهما اثنان في القول المشهور لمالك، وأربعة على الأقل في رأي الشافعية وفي قول مالك والليث.
٩ - حكمة الحد:
إن الحد عقوبة تجمع بين الإيلام الخفيف والاستصلاح، أما الإيلام فلقوله تعالى:{وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما} فسميت العقوبة عذابا، ويراد من هذه العقوبة أيضا الزجر والإصلاح؛ لأنه يمكن أن يراد من العذاب: ما يمنع المعاودة كالنكال، فيكون الغرض منه الاستصلاح.